/ الفَائِدَةُ : (60) /
18/03/2025
بسم الله الرحمن الرحيم ، وصلى الله على محمد واله الطاهرين ، واللَّعنة الدَّائمة على أَعدائهم اجمعين. / أَعظم ظلم جرىٰ على أَهْل الْبَيْتِ والمخلوقات إِقصائهم عليهم السلام عن دورهم التعليمي / إِنَّ أَعظم ظلم جرىٰ على البشريَّة ، بل على جملة المخلوقات لا يَكمُن في إِقصاء أَهْل الْبَيْتِ صلوات اللّٰـه عليهم عن الحُكم ودورهم السياسي؛ وإِقامتهم للعدل الإِلٰهيّ بين بني البشر ـ سوآء كان عدلًا اقتصاديّاً أَو تجاريّاً أَو أَمنيّاً أَو مجتمعيّاً أَو غيرها ـ بل في إِبعادهم عن أَنْ يكونوا مُعلِّمين وهداة ومربِّين ومزكِّين إِلٰهيِّين للبشريَّة جمعاء. بعد الاِلتفات: أَنَّ المخلوق يصبح حيواناً وبَهِيمَةً، بل أَضلّ سبيلاً من دون نور الْعِلْمِ، فأَعظم شيء في كمال المخلوق تنمية روحه وعقله وقلبه ونوره. فانظر: بيانات الوحي، منها: 1 ـ بيان أمير المؤمنين عليه السلام في وَصِيَّته لكميل بن زياد (رَحِمَهُ اللَّهُ): « ... يا كميل ، احفظ عني ما أقول لك: الناس ثلاثة : عَالِمٌ رَبَّانِيٌّ، ومُتَعَلِّمٌ على سبيل نجاة، وهَمَج رعاع ، أتباع كُلّ ناعق يميلون مع كُلّ ريح، لم يستضيئوا بنور الْعِلْمِ ، ولم يلجأوا إلى ركن وثيق ... » (1). 2 ـ بيان الإِمام الصَّادق عليه السلام: «النَّاس إِثنان : عَالِمٌ، ومُتَعَلِّمٌ، وسائر النَّاس هَمَج، والهَمَج في النَّار» (2). والمراد: من (سائر النَّاس): باقي النَّاس، باتِّفاق أَهل اللُّغة، كما في اللِّسان. والمراد: من (الهَمَج) ـ بالتَّحريك ـ جمع هَمجَة، وهي: ذباب صغير كالبعُّوض يسقط على وجوه الغنم والحمير وأَعينها. ذكره الجوهري. وبالجملة: مقام سيِّد الأَنبياء وسائر أَهْل الْبَيْتِ صلوات اللّٰـه عليهم في كونهم مُعلِّمين وهداة ومربِّين ومُزكِّين إِلٰهيِّين أَعظم من مقام الولاية السياسيَّة، ومقام القيادة والقدرات الماليَّة والعسكرية. / معنى عنوان (المظلوميَّة ) الوارد في منهج الوحي / ثُمَّ إِنَّه يجدر الاِلتفات: أَنَّ (المظلوميَّة) في منهاج الوحي الإِلٰهي ليس معناها: (استضعاف الإِنسان لنفسه، وانكفاءه وانكساره وتخاذله) ـ كما عليه منهج النصرانيَّة المُنحرفة، وما تُروِّج إِليه الثقافة الغربيَّة تحت عنوان: (التَّسامح والتَّساهل)؛ لضعضعة الشُّعوب المحرومة ـ بل معناه: الإِيعاز للمظلوم أَنْ يكون عفوّاً وغفوراً، وأَنْ لا يستوفي من الظالم ـ إِنْ تمكَّن منه ـ أَكثر من حقِّه. وهذا المعنىٰ ظهر جليّاً في تعامل أَهْل الْبَيْتِ ـ سيِّد الأَنبياء وسائر أَهْل الْبَيْتِ ـ صلوات اللّٰـه عليهم مع مَنْ ظلمهم بعد التمكُّن منه، والنصوص الوحيانيَّة والتَّأريخيَّة مشحونة بتلك السيرة فاطرقها تسمع الجواب واضحاً وجليّاً. وصلى الله على محمد واله الاطهار . ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ (1) بحار الأَنوار، 1: 188/ح4 . (2) المصدر نفسه : 187/ح3